للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذا يقتضي حلول الحوادث به.

قيل: هذا لا يمتنع على أصول الطائفتين، فمن قال بهذه المسألة من المتكلمين والصوفية والفقهاء وجمهور أهل الحديث وأكثر الفلاسفة لم يرد هذا عليه. ومن منع ذلك فإنه يقول فيه ما يقوله في محبته ورضاه: أنه قديمٌ أزليٌّ لم يزل محبًّا راضيًا مواليًا لمن أحبه ورضيه ووالاه، ولم يزل غضبان مبغضًا لمن غضب عليه وأبغضه وعاداه. ويقول: إن المتجدد هو التعلق فقط. وهذا قول ابن كُلَّاب والأشعري ومن وافقه من الفقهاء والمُحَدِّثين والمتكلمين.

الوجه الثامن عشر: أن يقال: لو صحَّ ما ذكرته كان مستلزمًا ألَّا يخلق الربُّ تعالى شيئًا، أو يخلق كل شيءٍ قبل خلقه إياه. وهو من جنس شُبه الدهرية الفلاسفة في قدم العالم، قالوا: المقتضي لوجود العالم إن كان تامًّا في الأزل وجب وجوده، وإن لم يكن تامًّا لزم ألَّا يوجد.

وهذا منقوضٌ بما (١) يوجد من الحوادث اليومية. ووجه الإلزام أن يقال: لو صحَّ عليه الخلق والإبداع والإرادة لكان إمَّا خالقًا لمراده في الأزل وهو محالٌ، وإمَّا ألَّا يخلقه في الأزل وهو محالٌ؛ لأنه ممكنٌ مقدورٌ، وكل من صحَّت عليه الإرادة والخلق والإبداع إذا كان عالمًا بقدرته على تحصيل مراده وهو ممكنٌ مقدورٌ فإنه يكون كالمُلجأ إلى إيجاد مراده.

فإن قلت: الإرادة من شأنها أن تخصص (٢) وتميز، والله سبحانه أراد


(١) «ح»: «ما». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «تخصيص». والمثبت هو الصواب.