للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون هو العالم المشهود، أو صفة من صفاته، وعرضًا من أعراضه، أو غيره.

فإن قلتم بالأول، فهو حقيقة قول الاتحادية الملاحدة، الذين لا يثبتون خالقًا ومخلوقًا وصانعًا ومصنوعًا، بل حقيقة الربِّ عندهم هي هذا الوجود بعينه.

وإن قلتم: هو عرض من أعراض العالم وصفة من صفاته، فهو من أمحل المحال، لا يقوله أحدٌ من بني آدم.

فتعيَّن أن يكون غير هذا العالم. وحينئذٍ يلزم مباينته له ضرورةً؛ إذ الغيران اللذان لا يكون أحدهما صفة للآخر ولا أحدهما قائمًا بالآخر لا بد أن يتباينا، إذ لو لم يتباينا لزم اتحاد أحدهما بالآخر أو حلوله فيه حلول الصفة في الموصوف، أو حلول الحال في المحل، ولا ينفعكم قولكم: إن هذا إنما يلزم فيما هو قابلٌ لذلك، لما تقدم بيانه (١).

فصل

الطريق التاسع (٢): أنَّا إذا عرضنا على العقل الصريح ـ الذي لم يفسد بتلقي الآراء والمذاهب الباطلة ـ التصديق بموجودين قائمين بأنفسهما، وأحدهما مباين للآخر، مع كونه غير مماثل له ولا هو من جنسه.؛ وعرضنا عليه التصديق بموجودين قائمين بأنفسهما، ليس أحدهما مباينًا للآخر، ولا مداخلًا له ولا فوقه ولا تحته، ولا متصلًا به ولا منفصلًا عنه، ولا محايثًا له ولا مباينًا = علمنا بالضرورة تصديقه بالأول، ودفعه الثاني


(١) تقدم في الطريق الخامس (ص ٨٩٣ - ٨٩٥).
(٢) «ح»: «العاشر». وهذا هو الوجه السادس والخمسون بعد المائة.