للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اَللَّهُ} [المائدة: ٦٦] {وَيَأْبَى اَللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ اَلْكَافِرُونَ} [التوبة: ٣٢].

الوجه الرابع والتسعون بعد المائة: أن هؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم وعقولهم في الأصل صِنفان:

صِنفٌ مباينون للرسل، محادُّون لهم، مكذِّبون لهم في أصل الرسالة، كالفلاسفة الصابئين والمجوس وعباد الأوثان والسحرة وأتباعهم.

وصِنفٌ منتسبون إلى الرُّسل في الأصل غير مكذِّبين لهم في أصل الرسالة، وهم الجهمية والمعطلة ومَن سلك سبيلهم ووافقهم على بعض باطلهم وخالَفهم في بعضه.

وقد تقدَّم أن الصنف الأول يستطيلون على الصنف الثاني بما وافقوهم فيه من التعطيل، ويجرُّونهم به إلى موافقتهم في القدر الذي خالفوهم فيه. والجهمية المُغْل يستطيلون على الجهمية المخانيث (١) بما وافقوهم فيه من النفي، ويجرُّونهم به إلى موافقتهم في القدر الذي خالفوهم فيه. وهؤلاء المخانيث يستطيلون على أهل السُّنَّة والحديث (٢) أيضًا بالقدر الذي وافقوهم فيه، ويدعونهم به إلى موافقتهم في الباقي. فلم يستطل المبطِل على المُحِقِّ من حيث خالفه، وإنما استطال عليه من حيث وافقه، فما أُصيبَ المُحقُّ إلَّا بطاعته للمبطِل في بعض أمره.

وأصول هؤلاء يكرهون ما أنزل الله، ممَّا هو بخلاف عقولهم وآرائهم


(١) أي: المعتزلة. ينظر: «مجموع الفتاوى» (٨/ ٢٢٧، ١٤/ ٣٤٨)
(٢) بعده في «ح»: «في». وهي زائدة.