للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل السُّنَّة، وحبسهم وتشتيتهم في البلاد، وقطع أرزاقهم؛ ثم إمامهم في زمانه نصير الكفر والشرك الطوسي، وما جرى على المسلمين منه من قتل خليفتهم وعلمائهم وعُبَّادهم.

وإذا اعتبرت أحوال القوم رأيت عوامَّ اليهود والنصارى أقلَّ فسادًا في الدِّين والدُّنيا من أئمة هؤلاء المعارضين لنصوص الأنبياء بعقولهم، وغاية الواحد من هؤلاء إذا أراد الجاه أن يتقرب إلى الملوك الجهلة الظلَمة بما يناسبهم من السحر، فيُصنِّف لهم فيه، ويتقرب به إليهم.

فهؤلاء علماؤهم وملوكهم وعوامهم، فكيف يكون هؤلاء أحظى بالعقل وأسعد به من الرُّسل وأتباعهم، وسيرةُ هؤلاء وهؤلاء معلومةٌ في العالم، وأعمالُهم وعلومهم ومعارفهم وآثارهم دالةٌ لمن له أدنى عقلٍ على حقيقة الحال، والله أعلم.

[ق ٨١ أ] الوجه الحادي والمائة: أن تجويز معارضة العقل للوحي يوجب وصف الوحي بضد ما وصفه الله به، فإن الله سبحانه وصفه بكونه هُدًى في غير موضعٍ، وأخبر أنه يهدي للتي هي أقوم (١)، أي: للطريق التي هي أقوم الطُّرق، وهي أقربها إلى الحقِّ، فإن الطريق المستقيم هو أقرب خط موصل (٢) بين نقطتين، وكلما تعوَّج بَعُدَ.

وأخبر سبحانه أنه شفاءٌ لما في الصدور (٣). وهذا يتضمن أنه يشفي ما


(١) في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].
(٢) «ح»: «مفصل». والمثبت هو الصواب كما جاء فيما يأتي.
(٣) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا اَلنَّاسُ قَد جَّاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي اِلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧].