للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أم تريد (١) به أن غيره لا يُسخطه ولا يُغضبه ولا يفعل ما يفرح به أو يحبه أو يكرهه أو نحو ذلك؟ فهذا غير ممتنعٍ. وهو أول المسألة، وليس معك في نفيه إلَّا نفس الدعوى بتسمية ذلك تأثيرًا في الخالق، وليس الشأن في الأسماء، إنما الشأن في المعاني والحقائق. وقد قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اُتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اَللَّهَ} [محمد: ٢٩]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر في أهل الصُّفَّة: «إِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ». فما الدليل العقلي أو النقلي على استحالة هذا؟!

الثالث: أن هذا يبطل محبته لطاعات المؤمنين، وبغضه لمعاصي المخالفين، وكراهته لظلم الظالمين إذا فعلوا ذلك. وهذا معلوم البطلان بالضرورة والعقل والفطرة الإنسانية واتفاق أهل الأديان كلهم وإطباق الرُّسل، بل هذا حقيقة دعوة الرُّسل بعد التوحيد (٢).

الرابع: أن هذا ينتقض بإجابة دعواتهم، وإغاثة لهفاتهم، وسماع أصواتهم، ورؤية حركاتهم وأفعالهم، فإن هذه كلها أمور متعلقة بأفعالهم. فما كان جوابك عنها في محل الإلزام. فهو جواب منازعيك لك في هذا المقام.

فصل

الوجه الحادي عشر: أن قولك: «يستحيل أن يخلق الملتذ به في الأزل وألَّا يخلقه في الأزل ... » إلى آخره، مبنى الحجة على مقدمتين:


(١) «ح»: «أنه يريد». والمثبت من «م».
(٢) يريد أن حقيقة دعوة الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ بعد التوحيد محبة الله لطاعات المؤمنين، وبغضه لمعاصي المخالفين، وكراهته لظلم الظالمين.