للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دواوين معينة. ثم لو فُرض انحصار السُّنَّة في هذه الدَّواوين فليس كل ما فيها يعلمه العالم، ولا يكاد يحصل ذلك لأحدٍ أبدًا، بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط علمًا بما فيها. بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسُّنَّة من المتأخرين بكثيرٍ؛ لأن كثيرًا ممَّا بلغهم وصحَّ عندهم قد لا يبلغنا إلَّا عن مجهولٍ، أو بإسنادٍ منقطعٍ، أو لا يبلغنا بالكلية، وكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين.

فصل (١)

السبب الثاني: أن يكون الحديث قد بلغه لكنه (٢) لم يثبت عنده؛ إمَّا لأن محدِّثه أو من فوقه مجهول عنده، أو سيئ الحفظ، أو مُتَّهَمٌ، أو لم يبلغه مسندًا بل منقطعًا، أو لم يضبط له لفظ الحديث، ويكون ذلك الحديث بعينه قد رواه الثقات لغيره بإسنادٍ صحيحٍ متصلٍ بأن يعلم غيره عدالة ذلك المجهول، أو يرويه له ثقةٌ غيره، ويتصل له من غير تلك الجهة المنقطعة، ويضبطه له من لم يضبطه للآخر، أو يقع له من الشواهد والمتابعات ما لم يقع لغيره، فيكون الحديث حجةً على من بلغه من هذا الوجه، وليس بحجة (٣) على من بلغه من الوجه الأول. ولهذا علَّق كثيرٌ من الأئمة القول بموجَب الحديث على صحته فيقول: قولي فيها [ق ٣٢ ب] كَيْتَ وكيت، وقد روي فيها حديثٌ بخلافه، فإن صحَّ فهو قولي. وأمثلة هذا كثيرة جدًّا.


(١) «فصل» ليس في «ح».
(٢) «لكنه» ليس في «ح».
(٣) «ب»: «حجة».