للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يمكن الجزم بانتفاء المعارض أبدًا، فلا يمكن الجزم بشيءٍ ممَّا أخبر به الرسول أبدًا إن لم يكن في العقل الصريح ما يقتضي ثبوته. وحقيقةُ هذا سلبُ الإيمان برسالة الرسول وعدم تصديقه.

فهذا الأصل الباطل الجائر الظالم مستلزمٌ للزندقة والإلحاد، فمن طرده أدَّاه إلى الكفر والنفاق والزندقة، ومن لم يطرده تناقض وفارق المعقول الصريح. ومن هذا (١) دخلت الملاحدة والقرامطة والباطنية على كل فرقةٍ من الطوائف الذين وافقوهم على هذا الأصل أو على بعض شُعبه، حتى إن من استجاب لهم إلى بعضه دعوه إلى طرده إن أمكنهم وإلَّا رضوا منه بما وافقهم فيه.

الوجه الرابع والعشرون بعد المائة: أن هؤلاء يعيبون أهل السُّنَّة والحديث المتمسكين بها التاركين لما خالفها بالتقليد، وأنهم (٢) يأخذون ما يعتقدونه مُسلَّمًا من غير قيام برهانٍ عقليٍّ على اعتقاده.

فإن كان تمسكهم بكلام المعصوم تقليدًا، واقتداؤهم (٣) بآثار أصحابه تقليدًا؛ فهم لا ينكرون هذا التقليد، ولا ينفرون عن عيبهم به. ولكن العيب كل العيب تقليد المشركين وعُبَّاد الأصنام والمجوس والهند والصابئين عبدة الكواكب والملاحدة الذين لا يؤمنون بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر، فإن مقدمات هذه الأدلة العقلية التي عارضوا بها النصوص وقدموها عليها متلقاة عن هؤلاء، فخَلَفهم مقلِّدون لسلفهم، إذا حاققتهم


(١) كذا في «ح»، ولعل الصواب: «هنا».
(٢) «ح»: «وأنها». ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «وأووهم». ولعل المثبت هو الصواب.