للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالفرقان، وتحكيمه وتلقِّي (١) حُكْمه بالتسليم والقبول والإذعان، ومقابلة ما خالف حكمه بالإنكار والردِّ والهوان، ومطاعنة المعارضين له بعقولهم بالسَّيف والسِّنان (٢)، وإلا فبالقلم واللسان.

فالعقول السليمة والفِطَر المستقيمة لنصوص الوحي يسجدان، ويُصدِّقان بما شهدت به ولا يُكذِّبان، ويُقرَّان أن لها عليهما أعظم السلطان، وأنهما إن خرجا عنها غُلبا ولا ينتصران، [وإن استقاما عليها] (٣) ظفرا بالهُدى والعلم واليقين والإيمان. والله المستعان، وعليه التكلان.

الوجه السَّابع والخمسون: أن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتَّى على قواعد المسلمين المؤمنين بالنُّبوة حقًّا، ولا على أصول أحدٍ من أهل الملل المُصدِّقين بحقيقة النُّبوة. وليست هذه المعارضة من الإيمان بالنُّبوة في شيءٍ، وإنما تتأتى هذه المعارضة ممَّن يُقرُّ بالنُّبوة على قواعد الفلسفة ويجريها على أوضاعهم، وأن الإيمان بالنُّبوة عندهم هو الاعتراف بموجودٍ حكيمٍ له طالعٌ مخصوصٌ يقتضي طالعه أن يكون متبوعًا، فإذا أخبرهم بما لا تدركه عقولهم عارضوا خبره بعقولهم، وقدَّموها على خبره.

فهؤلاء هم الذين عارضوا بين العقل ونصوص الأنبياء، فعارضوا نصوص الأنبياء في باب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر في هذه الأصول الخمس بعقولهم، فلم يصدقوا بشيءٍ منها على طريقة الرُّسل.


(١) «ح»: «وتكفي». والمثبت من «م».
(٢) السِّنان: نصل الرمح، والسنان: القوة. «النهاية في غريب الحديث» (٢/ ٤١١) و «لسان العرب» (١٣/ ٢٢٣).
(٣) «إن استقاما عليها» ليس في «ح». وزدته ليستقيم السياق.