للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: كذبٌ لا يجوز أن يقع متعلقه، وهو ما يحيله العقل، وهذا أقبح نوعي الكذب، فكيف يجوز على أصدق الكلام وأهداه وأفضله أن يكون فيه أقبح نوعي الكذب.

الوجه السادس والثمانون بعد المائة: أن من ادَّعى معارضة العقل لما جاءت به الرُّسل من صفاته وأفعاله وحقائق أسمائه لم (١) يَقْدُره حقَّ قدره، وقد ذمَّ الله تعالى من لم يقدره حقَّ قدره في ثلاثة (٢) مواضع من كتابه:

أحدها: قوله: {وَمَا قَدَرُوا اُللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اَللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} [الأنعام: ٩٢].

الثاني: قوله: {يَاأَيُّهَا اَلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاَسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اِللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اِجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ اُلذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ اَلطَّالِبُ وَاَلْمَطْلُوبُ (٧١) مَا قَدَرُوا اُللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اَللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٧١ - ٧٢].

الثالث: قوله: {وَمَا قَدَرُوا اُللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَاَلْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَاَلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: ٦٤].

فأخبر أنه لم يقدره حقَّ قدره مَن أنكر إرساله للرسل وإنزال كتبه عليهم. وهذا حقيقة قول من قال: إنه لا يتكلم، ولم ينزل له إلى الأرض كلامٌ، ولا كلَّم موسى تكليمًا. ومعلوم أن هذا إنكارٌ لكمال ربوبيته، وحقيقة إلهيته، ولحكمته ورحمته. ولم يقدره حقَّ قدره من عبد من دونه إلهًا غيره، ولم يقدره حق قدره


(١) «ح»: «فلم».
(٢) «ح»: «ثلاث». والمثبت من «م».