للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو يقول (١):

فِيكَ يَا أُغْلُوطَةَ الْفِكَر

أو يقول: «والله ما أدري على أي عقيدةٍ أموت» (٢).

إلى أضعاف أضعاف ذلك من أحوال أصحاب الشُّبه العقلية. وبالله التوفيق.

الوجه التَّاسع والأربعون: قوله: «إن العلم بمدلول الأدلة اللفظية موقوفٌ على نقل اللغة» كلام ظاهرُ البطلان، فإن دلالة القرآن والسُّنَّة على معانيهما (٣) من جنس دلالة لغة كل قومٍ على ما يعرفونه ويعتادونه من تلك اللغة. وهذا لا يختصُّ العرب، بل هو أمر ضروري لجميع بني آدم، يتوقَّف العلم بمدلول ألفاظهم على كونهم من أهل تلك اللغة التي وقع بينهم بها التخاطُب، ولهذا لم يُرسل الله رسولًا إلَّا بلسان قومه ليبيِّن لهم، فتقوم عليهم الحجة بما فَهِمُوه من خطابه لهم.

فدلالة اللفظ هي: العلم بقصد المتكلِّم به. ويراد بالدلالة أمران: نقلُ الدَّالِّ، وكونُ اللفظ بحيث يُفهِم معنًى. ولهذا يُقال: دلَّه بكلامه دلالةً، ودلَّ الكلامُ على هذا دلالةً. فالمتكلم دالٌّ بكلامه، وكلامه دالٌّ بنظامه. وذلك يُعرف من عادة المتكلم في ألفاظه، فإذا كانت عادته أنه يعني (٤) بهذا اللفظ هذا المعنى، عَلِمْنا متى خاطَبَنا به أنه أراده من وجهين:


(١) صدر بيت أنشده ابن أبي الحديد في أبيات، وتقدم تخريجها (ص ٣٧١).
(٢) لم أقف على قائله.
(٣) «ح»: «معانيها». والمثبت من «م».
(٤) «ح»: «قضى». والمثبت من «م».