للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ينال المفترين غضبٌ من ربهم وذلةٌ في الحياة الدُّنيا (١)، وأعظَمُ الافتراء: الفريةُ عليه سبحانه في أسمائه وصفاته وأفعاله. وقد ضمن سبحانه أنه لا بد أن يخيب (٢) أهل الافتراء ولا يُهدى كيدهم (٣)، وأنه يسحتهم بعذابه، أي: يستأصلهم (٤). قال تعالى إخبارًا عن كليمه موسى أنه قال لرؤوس المعطلة وأئمتهم: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اَللَّهِ كَذِبًا فَيَسْحَتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ اِفْتَرى} [طه: ٦٠].

وهذه الأصول التي عارضوا بها الكتاب والسُّنَّة تشتمل على الكذب والفرية في مسائلها ودلائلها، كأصول الملاحدة من الفلاسفة والدهرية النافين لما أخبر الله به من أصول الإيمان الخمس، وأصول الجهمية المناقضة لما أخبر به من أسمائه وصفاته وأفعاله، وأصول القدرية المعارضة لما أخبر به من عموم قدرته ومشيئته، وأصول الملاحدة الاتحادية التي رفعت العقل والنقل والحسَّ، وأبطلت الخلق والأمر والنبوة والرسالة والثواب والعقاب. وأصول هؤلاء كلهم أصول الزندقة والاتحاد المناقضة للعقل والدِّين.

الوجه الثلاثون بعد المائة: أن هؤلاء المعارضين [ق ٩٣ أ] لا يتم لهم ما ادعوه من المعارضة إلَّا بأربعة أمور يستلزمها قولهم: لبس الحق بالباطل


(١) في قوله تعالى: {إِنَّ اَلَّذِينَ اَتَّخَذُوا اُلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي اِلْحَيَاةِ اِلدُّنْيا وَكَذَلِكَ نَجْزِي اِلْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢].
(٢) «ح»: «يحسب». والمثبت بدلالة الآية التالية.
(٣) «ح»: «كبيرهم».
(٤) ينظر «التفسير البسيط» للواحدي (١٤/ ٤٣٥).