للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به إمَّا أن يكون في الأزل أو لا يكون، والقسمان باطلان (١)، فالقول بصحة اللذة على الله محالٌ. وإنما قلنا إنه لا يصح (٢) خلقُه للملتذِّ به في الأزل؛ لأن الفعل الأزلي محالٌ، وإنما قلنا يستحيل أن يكون حادثًا؛ لأنه إذا كان حادثًا كان ممكنًا قبل كونه، وإلَّا كان ممتنعًا ثم انقلب إلى الإمكان وهو محالٌ. وإذا كان ممكنًا فالله قادرٌ على إيجاده قبل ذلك، وإلا كان منتقلًا من [العجز إلى القدرة] (٣) وهو محالٌ. وإذا ثبت ذلك فنقول: كل مَن صحَّت عليه اللذة إذا كان عالمًا بقدرته على تحصيل الملتذِّ به، وكان الملتذُّ به في نفسه ممكنًا فإنه يكون كالملجأ إلى إيجاد الملتذ به، وإذا كان كذلك لزم كونُه تعالى فاعلًا للملتذِّ به قبل فِعله، وذلك محالٌ. فثبت أن القول بصحة اللذة على الله محالٌ؛ لأنه يُفضي إلى المحال، وما أفضى إلى المحال محالٌ».

ومضمون هذه الحجة بعد تطويل مقدماتها أن جواز ذلك عليه مستلزمٌ لكون الملتذِّ به حادثًا، وكونه متقدمًا على حدوثه، وكون الشيء متقدمًا على وجوده محالٌ. وفسادها بيِّنٌ من وجوهٍ:

أحدها: النقض والمعارضة بالإرادة والمحبة والرحمة والرضى، بأن يقال: لو صحت على الله الإرادة والمحبة والرِّضى لكان فِعله للمراد المحبوب المرضي إمَّا في الأزل وهو محالٌ، وإمَّا فيما لم يزل وهو محال؛ لما ذكره بعينه من مقدمات دليله.

الوجه الثاني: أن لفظ اللذة والألم من الألفاظ التي فيها إجمالٌ واشتباهٌ،


(١) «نهاية العقول»: «محالان». وذكر محققه أن ما هاهنا في نسخة.
(٢) «لا يصح» في «نهاية العقول»: «يستحيل». وذكر محققه أن ما هاهنا في نسخة.
(٣) «ح»: «من القدرة إلى العجز». والمثبت من «نهاية العقول».