للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفلسفة الصابئين والمشركين، وشهادة الجهمية الجاحدين لصفات ربِّ العالمين وكلامِه وعلوِّه على خلقه، وأوقاح المعتزلة وأفراخ المجوس وأمثالهم؛ هي المقبولةَ عند الله، وهي شهادة الحقِّ.

بل هؤلاء هم المشهود عليهم [ق ١١٨ أ] بين يدي الله، فإنهم خصماؤه، وخصماءُ وحيه ورسوله، حيث نسبوا كلامه وكلام رسوله إلى ما لا يليق به، وظنوا به أسوأ الظنِّ، واعتقدوا أن ظاهره باطلٌ ومحالٌ وتشبيهٌ وضلالٌ. فكيف يقبل أحكمُ الحاكمين وأعدل العادلين شهادة هؤلاء المتهوِّكين المتجبرين على حزبه وأنصارِه وأنصار كِتابه وسُنة رسوله، الذين قدَّموا كتابه وسُنة رسوله على كل ما خالفهما، ولم يقدِّموا ما خالفهما [عليها] (١)، وتركوا الآراء الباطلة والمعقولات السخيفة لهما، ولم يتركوهما لأجلها؛ وقرروا بالعقل الصريح صحةَ ما جاء به الرسول، ولم يُقرِّوا بالعقل الفاسد بطلانَ ما جاء به وأنه مخالفٌ للعقل الصحيح؛ ورأوا أن اليقين كلَّ اليقين مستفادٌ من كلام الله ورسوله، ولم يقولوا إنه لا يُستفاد منه علمٌ ولا يقينٌ؛ ورأوا أن ما أخبر به عن أسمائه وصفاته وأفعاله حقيقةٌ، ولم يقولوا إنه مجازٌ لا حقيقةَ له. فأي الفريقين أحق بالعلم والعدالة، وقبول الشهادة عند الله وعند ملائكته وعند جميع (٢) المؤمنين؟ وأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟!

الوجه السادس والتسعون بعد المائة: أن هؤلاء أصَّلوا أصولًا جعلوها أساسًا لبنائهم، وسمَّوها قواطع عقلية، وسمَّوا أدلتها براهين يقينية، فجاءت


(١) «ح»: «عليه». والظاهر ما أثبت.
(٢) «ح»: «جمع».