للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه من قواعد الإعراب وقواعد علم المعاني والبيان ما لم تشتمل عليه ضوابط النحاة وأهل علم المعاني إلى (١) الآن. كما أن فيه من قواعد البراهين العقلية والأدلة القطعية ووجوهها ما لم تشتمل عليه قواعد الأصوليين والجدليين إلى الآن. وفيه من علم الأحكام وفقه القلوب وأعمال الجوارح وطُرُق الحكم بين العباد ما لم تتضمنه قواعد الفقهاء إلى الآن. وهذا أمر يتسارع الجُهَّال والمقلِّدون إلى إنكاره، والذين أُوتوا العلم يعرفونه حقًّا.

فبَطَل قول هؤلاء: «إن الأدلة اللفظية تتوقف دلالتها على عصمة رواة [ق ٣٩ أ] مفردات تلك الألفاظ ورواة إعرابها وتصريفها»، وظهر تدليسهم وتلبيسهم في هذا القول، وبالله التوفيق. يُوضِّحُه:

الوجه الرَّابع والخمسون: أن يُقال: هَبْ أنه يُحتاج إلى نقل ذلك، لكن عامة ألفاظ القرآن منقولٌ معناها وإعرابها بالتواتر، لا يحتاج الناس فيه إلى النقل عن عدول أهل العربية، كالخليل وسيبويه والأصمعي وأبي عبيدة والكسائي والفراء، حتى الألفاظ الغريبة في القرآن مثل: {أُبْسِلُوا} [الأنعام: ٧٠] و {قِسْمَةٌ ضِيزى} [النجم: ٢٢] و {عَسْعَسَ} [التكوير: ١٧] ونحوها معانيها منقولة في اللغة بالتواتر، لا يختص بنقلها الواحد والاثنان، فلم تتوقَّف دلالتها على عصمة رواة معانيها، فكيف في الألفاظ الشهيرة كالشمس والقمر والليل والنهار والبر والبحر والجبال والشجر والدواب. فهذه الدعوى باطلة في الألفاظ الغريبة والألفاظ الشهيرة.

الوجه الخامس والخمسون: أن أصحاب هذا القانون الذي عزلوا به


(١) «ح»: «وإلى». وكذا في الموضعين التاليين، والصوب حذف الواو.