للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشابهته له. فإذا كانت السماء محيطةً بالأرض وليست مماثلةً لها فالتفاوت الذي بين العالم وربِّ العالم أعظم من التفاوت الذي بين الأرض والسماء.

وإن لم يكن محيطًا بالعالم بألَّا يكون العالم كُريًّا، بل تكون السماوات كالسقف المستوي فهذا ـ وإن كان خلاف الإجماع وخلاف ما دلَّ عليه العقل والحس ـ فلو قال به قائلٌ لزم أيضًا أن يكون الربُّ تعالى عاليًا على العالم؛ لأنه إذا كان مباينًا وقُدر أنه غير محيط فالمباينة تقتضي ضرورة أن يكون في العلو أو في جهة غيره، ومن المعلوم بالضرورة أن العلو أشرف بالذات من سائر الجهات؛ فوجب ضرورة اختصاص الربِّ بأشرف الأمرين وأعلاهما.

والمعطلة تقول: هذه القضية خطابية لا برهانية. ولعمر الله إنك لو سألت كل صحيح التمييز والفطرة عن ذلك لوجدت في فطرته أن الربَّ تعالى أولى وأحق بهذه القضية التي يُسمِّيها هؤلاء خطابية، وليس في المعقول أصحُّ من هذه المقدمة، وتسميتها خطابية لا تقتضي جحد العقول الصحيحة لها وإنكارها للربِّ سبحانه.

فصل

الطريق الخامس (١): ما احتجَّ به الإمام أحمد نفسه على الجهمية، فقال (٢): «وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذبٌ على الله (٣) فقل له: أليس


(١) «ح»: «السادس». وهذا هو الوجه الثاني والخمسون بعد المائة.
(٢) «الرد على الجهمية والزنادقة» (ص ١٥٥).
(٣) بعده في «الرد على الجهمية والزنادقة»: «حين زعم أنه في كل مكان، ولا يكون في مكان دون مكان».