للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى؛ لأنها إنما كانت حُسنى باعتبار معانيها وحقائقها، لا بمجرد ألفاظها، فمن له حقائقها (١) فهي في حقه حُسنى، دون من انتفت عنه حقائقها. وكفى بهذا خروجًا عن العقل والسمع، وإلحادًا في أسمائه سبحانه! قال تعالى: {وَلِلَّهِ اِلْأَسْمَاءُ اُلْحُسْنى فَاَدْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا اُلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠].

فإن قلتم: حقائقها بالنسبة إليه ما يليق به، وهو ما تأولناها عليه، وحينئذٍ فتكون حُسنى بذلك الاعتبار، وتكون حقيقة لا مجازًا.

قيل: فهلَّا حملتموها على حقائقها المفهومة منها على وجهٍ يليق به ولا يماثله فيه خلقه، كما فعلتم بحملها على تلك المعاني التي صرفتموها إليها؟

فإن قلتم: حملها على ذلك يستلزم محذورًا من تلك المحاذير.

قيل: فكيف لم يستلزمه فيما أثبتموه من تلك المعاني، واستلزمه فيما نفيتموه؟ وإذا كنتم قد أثبتم تلك على وجهٍ يختص به ولا يماثل خلقه فيه فأثبتوا له حقائقها على هذا الوجه، وتكونون للعقل والنقل موافقين، وللكتاب والسُّنَّة مصدِّقين، ولسلف (٢) الأُمَّة وأعلمها بالله وصفاته وأسمائه موافقين، وعن سبيل أهل الإلحاد والتعطيل عادلين.

الوجه الرابع والثلاثون بعد المائتين: أن الناس في هذه الأسماء التي تقال على الربِّ وعلى العبد مختلفون على أقوال:


(١) «ح»: «بحقائقها». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «لسلفاء».