للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا باب يطول تتبُّعه جدًّا.

والمقصود أنه إذا كان لا معنى للمدح إلَّا الإخبار المتضمن فرح الممدوح، وليس أحدٌ أحب إليه المدح من الله وحمده والثناء عليه وذلك عنده بالمنزلة التي لا يمكن وصفها ولا يحيط بها البشر، كان المنكر لفرحه وما يستلزمه فرحه منكرًا لحقيقة حمده ومدحه والثناء عليه وتمجيده. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه الحادي والعشرين: إن هؤلاء الجهمية يُقرُّون بظاهر من القول وينكرون حقيقته، ويصدون عن سبيل الله، ويقطعون ما أمر الله به أن يُوصل، وينفرون من أحب الأشياء إلى الله وأكرمها عليه وأعظمها عنده، وهو ذكره بأسمائه وصفات كماله ونعوت جلاله، والثناء عليه ومدحه بها وحمده عليها. بل يُكفِّرون من يُثني عليه بها، وينسبونه إلى التشبيه والتجسيم، ويستحلون منه ما لا يستحله المحاربون من أعدائهم. وذلك [ق ١٢٦ أ] عين العداوة لله ولرسوله، كما قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، أنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال: «ما عادى عبدٌ ربَّه أشد عليه من أن يكره ذكره وذكر من يذكره» (١).

ومن المعلوم أن ذكره سبحانه وتعالى إنما يتم بإثبات حقائق أسمائه وصفات كماله ونعوت جلاله، لا بألفاظٍ مجردة لا حقيقة لها.


(١) لم نقف عليه في مظانه من كتب الإمام أحمد أو تلامذته، وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٧٢) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧١٥) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٢/ ٤٤٢) من طريق الأوزاعي به.