للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني (١) عشر

في بيان أنه مع كمال عِلم المتكلم وفصاحته وبيانه ونصحه يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلافَ ظاهره وحقيقته وعدمُ البيان في أهم الأمور وما تشتد الحاجة إلى بيانه

نكتفي من هذا الفصل بذِكْر مناظرةٍ جرَتْ بين جهميٍّ معطِّلٍ وسُنِّيٍّ مُثبِتٍ، حدثني بمضمونها شيخُنا عبد الله بن تيمية - رحمه الله -، أنه جمعَه وبعضَ الجهمية مجلسٌ (٢)، فقال الشيخ: قد تطابقت نصوص الكتاب والسُّنَّة والآثار على إثبات الصِّفات [ق ١٤ ب] لله، وتنوعت دلالتها عليها أنواعًا تُوجِب العلم الضروري بثبوتها، وإرادة المتكلم اعتقادَ ما دلَّت عليه. والقرآن مملوءٌ مِن ذِكر الصِّفات، والسُّنَّة ناطقةٌ بمثل (٣) ما نطق به القرآن، مقرِّرةٌ له مصدِّقةٌ له، مشتمِلة على زيادة في الإثبات. فتارةً بذكر الاسم المشتمِل على الصِّفة، كالسميع البصير العليم القدير العزيز الحكيم، وتارةً بذكر المصدر، وهو الوصف الذي اشتُقَّت منه تلك الصفة، كقوله: {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٥]، وقوله: {إِنَّ اَللَّهَ هُوَ اَلرَّزَّاقُ ذُو اُلْقُوَّةِ اِلْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨]، وقوله: {إِنِّيَ اَصْطَفَيْتُكَ عَلَى اَلنَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤]، وقوله: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨١].

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ


(١) «ح»: «الحادي».
(٢) في النسختين: «مجلسًا». وكذا في «م».
(٣) «ح»: «على».