للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحادث من جهة كونه حادثًا، بل لا مانع من الاختلاف بينهما في صفة القِدَم والحدوث، وإنما تماثلَا بأمرٍ آخر. وهذا كالسواد والبياض يختلفان من وجهٍ دون وجهٍ؛ لاستحالة اختلافهما من كل وجهٍ وإلَّا لما اشتركا في العرضية واللونية (١) والحدوث؛ واستحالة تماثلهما من كل وجهٍ، وإلَّا كان السواد بياضًا، ومع ذلك فما لزم من مماثلة السواد للبياض من وجهٍ أن يكون مماثلًا له في صفة البياضية» (٢).

فيقال: يا لله العجب، هلَّا طردتم هذا الجواب، وسلكتم هذا الطريق في إثبات علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، وإثبات صفات كماله كلها، وإثبات الصِّفات الخبرية كلها؛ وأجبتم بهذا الجواب لمن قال لكم من المعطلة النُّفاة: لو كان له صفات لزم مماثلته للمخلوقات! وهلَّا تقنعون من أهل السُّنَّة ـ المثبتين لصفات كماله، ونعوت جلاله، وعلوه على مخلوقاته، واستوائه على عرشه ـ بمثل هذا الجواب الذي أجبتم به من أنكر حدوث العالم! بل إذا أجابوكم به قلبتم لهم ظَهْر المِجَنِّ، وصرَّحتم بتكفيرهم وتبديعهم، وإذا أجبتم أنتم به بعينه كنتم موحِّدين، ناصرين لله ورسوله!

فصل

الطريق السابع عشر (٣): أن يقال: هل للربِّ تعالى ماهية متميزة على سائر الماهيات يختص بها لذاته، أم تقولون: لا ماهية له؟


(١) «ح»: «والكونية» والمثبت من «أبكار الأفكار».
(٢) «أبكار الأفكار» (٣/ ٣٦١).
(٣) «ح»: «الثامن عشر». وهذا هو الوجه الرابع والستون بعد المائة.