للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من القول بعلو الله فوق المخلوقات واستوائه على عرشه خشية التشبيه والتجسيم قد اعترفوا بأنهم لا يمكنهم إثبات الصانع إلَّا بنوعٍ من التشبيه والتمثيل. ونحن لا نحيلك على عدمٍ، بل نحكي ألفاظهم بعينها معزوةً إلى مكانها. قال الآمدي في مسألة حدوث الأجسام لما ذكر حجة القائلين بالعدم:

«الوجه العاشر: لو كان العالم محدثًا فمحدثه (١) إمَّا أن يكون مساويًا له من كل وجهٍ، أو مخالفًا له من كل وجهٍ، أو مماثلًا له من وجهٍ ومخالفًا له من وجه.

فإن كان الأول فهو حادثٌ، والكلام فيه كالكلام في الأول، ويلزم التسلسل الممتنع.

وإن كان الثاني فالمحدث له ليس بموجودٍ، وإلَّا لما كان مخالفًا له من كل وجهٍ، وهو خلاف الفرض. وإذا لم يكن موجودًا امتنع أن يكون مفيدًا للوجود (٢).

وإن كان الثالث فمن جهة ما هو مماثل للحادث يجب أن يكون حادثًا، والكلام فيه كالأول، وهو تسلسلٌ محالٌ.

وهذه المحالات إنما نشأت من القول بكونه مُحْدِثًا للعالم» (٣).

قال: «والجواب عن هذه الشبهة أن المختار من أقسامها إنما هو القسم الأخير. ولا يلزم من كون القديم مماثلًا للحوادث من وجهٍ أن يكون مماثلًا


(١) في «أبكار الأفكار»: «فحدوثه». والمثبت موافق لما ورد في «م» و «درء التعارض» (٤/ ١٦٧).
(٢) في «أبكار الأفكار» و «درء التعارض»: «موجبا للموجود».
(٣) «أبكار الأفكار» (٣/ ٣٤٦).