للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب. وبعضهم يجعله قياس اللغة، وإن لم ينطقوا به. والصواب أنه من العربية المولدة، كما قالوا: الكل والبعض والكافة. والعرب لا تستعملها إلَّا مضافة.

وقريبٌ من هذا لفظ الماهية والكمية والكيفية والأينية (١) ونحوها، فإن العرب لم تنطق بها، فهي عربية مولَّدة (٢). ويُشبه هذا قولهم: الدمعزة والطلبقة، لقولهم: دام عزُّك، وطال بقاؤك. وهذا لم ينطق به العرب، وإن نطقت بنظيره كالبسملة والحوقلة والحيعلة.

ولمَّا استعملوا الذات بمعنى النفس، قالوا: جاء بذاته. ومنه قول أهل السُّنَّة: استوى على عرشه بذاته، أي ذاته فوق العرش عالية عليه. وقد غلَّط بعضهم مَن قال: جاء بذاته وجاء بنفسه، وقال: الصواب جاء زيد ذاته ونفسه. ونازعهم في ذلك آخرون، وجوَّزوا هذا الاستعمال.

والمقصود أن إثبات الذات ونفيَ قدْرها وصفاتها جمعٌ بين النقيضين، فإنه إثبات للشيء ونفيٌ لما يستلزم نفيه، فإن أَبْيَنَ لوازم الذات تمييزُها بحقيقتها وماهيتها عن غيرها ومباينتها له، ولو بالتعيين. فمن أنكر مباينة الربِّ لخلقه وصفاته التي وصف بها نفسه فقد جحد ذاته وأنكرها، وإن أقرَّ بها لفظًا.

الوجه الثاني والتسعون بعد المائة: أن كل مَن عارض الوحيَ بالرأي والعقل فهو مِن خصماء الله؛ لأنه قد خاصم الله في الوحي الذي أنزله على


(١) «ح»: «الآنية».
(٢) «ح»: «متولدة».