للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه، كقول خُبَيب: «وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ».

وكذلك الجَنْب، كقوله [ق ١١٣ أ]: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اِللَّهِ} [الزمر: ٥٣]، فليست الذات والجنب هنا هي نفس الحقيقة. ومنه قوله: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اِللَّهِ} [العنكبوت: ٩] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ» (١). وأمَّا استعمالهم ذات الشيء بمعنى عينه ونفسه فلا يكاد يُظفَر به.

وكذلك قوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ اِلصُّدُورِ} [الأنفال: ٤٤]، ليس المراد به عليم بمجرد الصدور، فإن هذا ليس فيه (٢) كبيرُ أمرٍ، وهو بمنزلة أن يقال: عليمٌ بالرؤوس والظهور والأيدي والأرجل. وإنما المراد به: عليمٌ بما تُضمِره الصدور من خيرٍ وشرٍّ، أي: بالأسرار التي في الصدور وصاحبة الصدور، فأضافها إليها بلفظ يعمُّ جميع ما في الصدور من خيرٍ وشرٍّ.

وأمَّا استعمال لفظ «ذات» في حقيقة الشيء الخارجية فأظنه استعمالًا مولَّدًا، وهو من العربية المولَّدة لا العربية العَرْباء. ولما ولَّدوا هذا الاستعمال أدخلوا عليها الألف واللام ـ وهو من العربية المولدة أيضًا ـ فقالوا: الذات، والعرب لا تستعملها (٣) إلَّا مضافةً. وقد تنازع فيها أهل العربية، فكثيرٌ منهم يُغلِّط أصحابَ هذا الاستعمال، ويقول: هو خلاف لغة


(١) أخرجه الإمام أحمد (١٢٣٩٥) والترمذي (٢٤٧٢) وابن ماجه (١٥١) وابن حبان (٦٥٦٠) والضياء في «المختارة» (٥/ ٣٠) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) «ح»: «بمجرد».
(٣) «ح»: «لاستعمالها».