للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طريق، وأصلها نحو الثلاثين ـ في رؤية الربِّ تعالى في الآخرة بقوله تعالى: {لَّا تُدْرِكُهُ اُلْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٤]. فيا للعقول! نحن إنما تلقينا هذه الأحاديث عمَّن أُنزلت عليه الآية، فهو الذي جاء بهذا وهذا، فكيف يستجيز مسلمٌ أن يُعارض كلامه بما فهمه من ظاهر القرآن فهمًا فاسدًا؟ ولو فهمه كما ينبغي لعلم أن القرآن موافق للسُّنة لا مناقض لها، كما تقدم تقريره.

فصل

الدرجة الثانية من المعارضة: معارضة النصِّ بالرأي، وهذه المعارضة في الأصل هي من فعل المشركين أعداء الرسل، وتلقاها ورثتهم من بعدهم كما تقدم بيانه (١).

الدرجة الثالثة: المعارضة بالتقليد واتباع الآباء والمشايخ والمعظَّمين في النفوس، وإذا تأمَّلت الغالب على بني آدم وجدته من هذا النوع. واعلم أنه لا يستقر للعبد قدم (٢) في الإسلام حتى يبرأ من هذه الممانعة والمعارضة، فحينئذٍ يدخل في دائرة الإسلام، ولا يمكن تحكيم الرسول وانتفاء الحرج ووقوع التسليم حتى تنتفي هذه الممانعة والمعارضة من كل وجهٍ، وبالله التوفيق. يوضحه:

الوجه الأربعون بعد المائتين: وهو أنه مع التصديق الجازم يمتنع وقوع المعارضة والممانعة، وحيث وُجد ذلك فهو ملزومٌ لانتفاء التصديق، ووجود الملزوم بدون لازمه محالٌ. فهاهنا أمران: تصديقٌ جازمٌ يلزمه انتفاء


(١) تقدم (ص ٥٥١).
(٢) «ح»: «فدتم». والمثبت هو الصواب.