للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السابع (١) عشر

في أن التأويل يُفسِد العلوم كلها إنْ سُلِّط (٢) عليها ويرفع الثقة بالكلام ولا يمكن أُمةً من الأمم أن تعيش عليه

معلومٌ أن العلوم إنما قصد بها مصنِّفوها بيانَها وإيضاحها للمتعلمين، وتفهيمهم إياها بأقربِ ما يَقْدِرون عليه من الطرق. فإن سُلِّط التأويل على ألفاظهم، وحملها على غير ظواهرها (٣)، لم يُنتفَع بها وفسدت، وعاد ذلك على موضوعها ومقصودها بالإبطال.

فإذا حُمل كلام الأطباء على غير عُرفهم المعروف من خطابهم، وتأوَّلَ المخاطَبُ كلامَهم على غير ظاهره، لم يصل إلى فهم مرادهم البتةَ، بل أفسد عليهم عِلمهم وصناعتهم.

وهكذا أصحاب علم الحساب والنحو وجميع أرباب العلوم إذا سُلِّط التأويل على كلامهم لم يُوصِل إلى شيءٍ من تلك العلوم، مع أنه يجوز عليهم الخطأ والتناقض والتلبيس في بعض المواضع والتعمية، ومع قصورهم في البيان وجودة التعبير، ومع نقصان إدراكهم للحقائق وعلومهم ومعارفهم.

فكيف يُسلَّط التأويلُ على كلام مَن لا يجوز عليه الخطأ والغلط والتناقض وضد البيان والإرشاد؟! هذا مع كمال علمه، وكمال قدرته على


(١) «ح»: «السادس».
(٢) «ح»: «يسلط».
(٣) «ب»: «ظاهرها».