للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ اَللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: ١١٩] وقال: {وَلَئِنِ اِتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ اَلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ اَلظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٤٤] وقال: {فَلِذَلِكَ فَاَدْعُ وَاَسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [الشورى: ١٣] وقال: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١٥١].

وهؤلاء وإن أقرُّوا بألفاظ الوحي فقد كذَّبوا بمعاني آياته، وجحدوا حقائقها، ولهذا اتفق السلف على تسميتهم «أهل الأهواء»، وأخبروا أن سبب ظهورهم خفاء السُّنن، كما قال عبد الله بن المبارك: «إذا خفيت السُّنَّة ظهرت الأهواء، وإذا قلَّ العلم ظهر الجفاء» (١).

بل أهل الأهواء أحسن حالًا من المعارضين للوحي بعقولهم؛ فإنهم عند السلف إنما سُمُّوا أهل الأهواء لأنهم تأوَّلوا النصوص على تأويلات نزلوها على أهوائهم، وهؤلاء عارضوا بينها وبين معقولاتهم.

الوجه الرَّابع والثمانون: أن من عارض نصوص الوحي بالعقل لزمه لازم من (٢) خمسة لا محيد له البتَّةَ: إمَّا تكذيبها، وإمَّا كتمانها، وإمَّا تحريفها، وإمَّا تخييلها، وإمَّا تجهيلها وهو نسبة المصدِّقين بها إلى الجهل، إمَّا البسيط وإمَّا المركب؛ وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم (٣).


(١) لم نقف عليه عن الإمام ابن المبارك، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «درء التعارض» (١/ ٢٧١) وفي «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٣٠٨، ٢٠/ ١٦٣) عن الإمام مالك نحوه.
(٢) «ح»: «في».
(٣) «ح»: «اللازم». والمثبت هو الصواب.