للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لازم قولهم. فنحن لا نستجيز ذلك على أحدٍ من الناس، ولكن هذه كتب القوم فراجعها، ولا تُقلِّد الحاكي عنهم.

ويكفيك من فساد عقلٍ يُعارض (١) الوحي أنه لم يقم عنده دليلٌ عقليٌّ يُنزِّه ربَّه وخالقه عن العيوب والنقائص، فلقد كشف لك صاحب هذا العقل عن حقيقة معقوله، وأقر على نفسه وعقله أنه أقل وأحقر شأنًا أن يُعارض الوحي ونصوص الأنبياء ثم يتقدم عليها، وبالله التوفيق.

الوجه الخامس والثلاثون بعد المائة: أن يقال لهؤلاء المعارضين للوحي بعقولهم: لا يمكنكم (٢) تنزيه الربِّ سبحانه عن النقائص والعيوب إلَّا أن تتحيزوا إلى أهل السُّنَّة، وتصيروا أضيافًا لهم، وتستضيئوا بنورهم، وإلَّا فلن يمكنكم على أصولكم تنزيه الربِّ عن العيوب البتة.

فإنكم نزهتموه عن صفات كماله، وزعمتم أنها تستلزم التجسيم، وهو يستلزم الحدوث، فبذلك نفيتم صفاته وأفعاله. فلمَّا قال لكم أهل الإثبات: نفيكم لهذه الصِّفات يستلزم ثبوت ضدها له وهو نقصٌ وهو محالٌ على من له الكمال كله، أجبتموه بأن هذا إنما يلزم في القابل للشيء وضدِّه، وأما الربُّ سبحانه فإنه لا يقبل هذه الصِّفات ولا أضدادها، فلا يلزم من سلبها (٣) عنه ثبوت أضدادها له، كما لا يلزم من سلب الكلام والسمع والبصر والحياة عن الحجر وصفه بالخرس والطرش والعمى والموت.

فقال لكم أهل الإثبات: لو جعلتموه قابلًا لصفات الكمال وسلبتموها


(١) «م»: «معارض».
(٢) «ح»: «يمكنهم».
(٣) «ح»: «سلها».