للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره عليه أنه عالم مفتٍ، ثم اختلف العامي الدالُّ والمفتي فإن المستفتي (١) يجب عليه قبول قول المفتي دون المقلِّد الذي دلَّه (٢) وعرَّفه بالمفتي.

فلو قال له الدَّالُّ: الصواب معي دون المفتي؛ لأنِّي أنا الأصل في علمك بأنه مفتٍ، فإذا قدَّمتَ قوله على قولي قدحت في الأصل الذي به عرفت أنه مفتٍ، فلزم القدح في فرعه.

فيقول له المستفتي: أنت لمَّا شهدت بأنه مفتٍ، ودللت على ذلك شهدت بوجوب تقليده دون تقليدك، كما شهد به دليلك، وموافقتي لك في هذا العلم المعيَّن لا تستلزم موافقتك في كل مسألة، وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي ـ الذي هو أعلم منك ـ لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفتٍ. وأنت إذا علمت أنه مفتٍ باجتهادٍ واستدلالٍ، ثم خالفته باجتهادٍ واستدلالٍ، كنت مخطئًا في الاجتهاد والاستدلال الذي خالفت به مَن يجب عليك تقليدُه واتِّباعُ قوله، وإن أصبت في الاجتهاد [ق ٤٥ أ] والاستدلال الذي به علمت أنه مفتٍ مجتهدٌ يجب عليك تقليده. هذا مع علمه بأن المفتي يجوز عليه الخطأ، والعقل يعلم أن الرَّسول معصومٌ في خبره عن الله، لا يجوز عليه الخطأ.

الوجه الحادي عشر: أن الدليل الدَّال على صحة الشيء أو ثبوته أو عدالته أو قبول قوله لا يجب أن يكون أصلًا له، بحيث إذا قدم قول المشهود له والمدلول عليه على قوله يلزم إبطاله، وهذا لا يقوله من يدري ما يقول. غاية ما يُقال: إن العلم بالدليل أصل للعلم بالمدلول، فإذا حصل العلم


(١) من قوله «عين المفتي» إلى هنا في «ح»: «رجلا بأنه أهل المقلد الذي دل غيره بأن المستثني». والمثبت من «درء التعارض» (١/ ١٣٨).
(٢) «ح»: «دل».