للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسفيان من كبار (١) أئمة الإسلام، وقد حكى الإجماع على هذا. والنزاع في ذلك موجود قبله وبعده (٢)، فإن مذهب عطاء أنها تبني على ما مضى، كما لو طَلَّقها قبل الرجعة، وهو أحد قولَي الشافعي، وأحد الروايتين عن أحمد. وحُكي عن مالك قولٌ ثالث: إنه إن قصد الإضرار بها بنت، وإلَّا استأنفت. وحُكي عن داود قولٌ رابع: إنه لا عِدَّة عليها بحال. جعلها مطلقة قبل الدخول، فلا عدة عليها بالطلاق الثاني، والأول انقطعت عدته [ق ٣٤ ب] بالرجعة. والأكثرون يقولون: هي زوجةٌ مدخولٌ بها (٣).

ومن ذلك: أن الليث بن سعد حكى الإجماع على (٤) أن المسافر لا يَقصُر الصلاة في أقل من يومين. هذا مع سَعة عِلْمه وفقهه وجلالة قدره، والنزاع في مسافة القصر عن الصحابة والتابعين أَشهَرُ من أن يُذكَر.

ومن ذلك: ما ذكره مالك في «موطَّئه» (٥) فقال: «فمن الحجة على من قال ذلك القول ـ أي إنه لا يقضى بشاهدٍ ويمينٍ؛ لأنه ليس في القرآن ـ فيقال: أرأيت لو أن واحدًا ادعى على رجلٍ مالًا أليس يُحلَّف المطلوب ما ذلك الحق عليه، وإن حلف بَطَلَ ذلك الحق عنه، وإن نَكَلَ عن اليمين (٦) حُلِّف صاحب الحق إن حقه لَحَقٌّ، وثبت حقُّه على صاحبه». قال: «فهذا ممَّا


(١) «من كبار» «ح»: «كان من».
(٢) «وبعده» ليس في «ب».
(٣) ينظر: «الاستذكار» (١٨/ ١٠٥) و «المغني» (١٠/ ٥٧١).
(٤) «على» ليس في «ب».
(٥) «الموطأ» (٢/ ٧٢٤).
(٦) أي: امتنع عنه.