للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معصومٌ صادقٌ فيما يُخبر به كيف تمكنه المعارضة، ومن لم يعلم أنه جاء بكذا لم تمكنه المعارضة، ومن لم يعلم أنه أراده بكلامه لم تمكنه المعارضة، ومن علم هذه الأمور الثلاثة وأقر (١) بها لم يمكنه المعارضة.

فبطلت دعوى المعارضة على التقريرين، وبالله التوفيق.

الوجه الخامس عشر بعد المائة: أن من عرف بطلان هذه المعقولات التي يُعارض هؤلاء بها السمع امتنع عنده أن يحصل بها المعارضة لامتناع ثبوت المعارضة بين الحق والباطل، ومن اعتقد صحتها فاعتقاد صحتها عنده ملزومٌ لبطلان السمع، فيلزم من صحتها بطلانه، وتمتنع المعارضة أيضًا، فالمعارضة ممتنعة على تقدير صحتها وفسادها.

الوجه السادس عشر بعد المائة: أن تجويز التعارض بين السمع والعقل والإيمان بالله ورسوله لا يمكن اجتماعهما البتةَ، فإن صَحَّتِ المعارضة امتنع الإيمان، وإن صحَّ الإيمان امتنعت المعارضة. فإن الإيمان مبناه على أن الرسول صادقٌ فيما يُخبِر به عن الله، معصومٌ في خبره، وعلى أنه جاء بهذا الكتاب، وعلى أنه أراد من الأُمة أن يثبتوا حقائقه ويفهموه ويتدبروه، ولا ينفوا حقائق ما أخبر به، ويُقِرُّوا بلفظه، فلا يمكن وجود الإيمان بالرسول إلَّا بهذه الأصول الثلاثة.

فإذا جوَّزنا معارضة العقل الصريح لما جاء به لزم القدح والطعن فيها أو في بعضها، والطعن في الأمرين الأولين مناقضٌ للإيمان بالذات، والطعن في الثالث يستلزم الطعن فيهما؛ إذ غايته الاعتراف بأنه جاء بهذه الألفاظ ولم


(١) «ح»: «استقر». ولعل المثبت هو الصواب.