للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اَللَّهَ فَاَتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اُللَّهُ} [آل عمران: ٣١].

وبقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاَتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا اُلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٤].

وبقوله: {فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقى (١٢١) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: ١٢١ - ١٢٢]. وذكره هو كتابه الذي أنزله، فمن أعرض عنه مكتفيًا بقول واحدٍ من بني آدم عنه؛ فقد أتى بحقيقة الإعراض.

وبقوله: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاَعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اَللَّهِ} [القصص: ٥٠]. فقسم الناس إلى مستجيبين للرسول ومتبعٍ هواه. فمن ترك استجابته إذا ظهرت له سُنته وعدل عنها إلى (١) خلافها فقد اتَّبع هواه.

وهذا أكثر من أن يُذكر، والمقصود أن الواجب على الخلق بعد وفاته هو الواجب عليهم في حياته سواء، ففرضُ من سمع كلامه أن يأخذ به. ومن خفي عليه قوله سأل من (٢) يعرفه، فإذا سمعه ففرضٌ عليه أن يأخذ به، فإن خفي عليه فغاية قول غيره أن يسوغ له الأخذ به، فيكون سائغ الاتباع بعد خفاء السُّنَّة، لا واجب الاتباع، ولا سيما مع ظهور السُّنَّة، وبالله التوفيق.

الوجه التاسع والثلاثون بعد المائتين: أن كل واحدٍ من هذين الأمرين -أعني: المنع والمعارضة ـ ينقسم إلى درجات متعددة. فأمَّا المنع فهو على ثلاث درجاتٍ:


(١) «ح»: «لك».
(٢) «ح»: «ممن».