للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به أمرًا وجوديًّا غير المعنى المعقول الذي يعقله الخاصة والعامة، فلا بد من بيانه؛ لينظر فيه هل يستلزم المباينة أم لا.

فصل

الطريق الثالث والعشرون (١): أن كل من أقرَّ بوجود ربٍّ خالقٍ للعالم مدبِّرٍ له لزمه الإقرار بمباينته لخلقه وعلوه عليهم، وكل من أنكر مباينته وعلوه لزم إنكاره وتعطيله. فهاتان دَعْوِيان (٢) في جانب النفي والإثبات.

أمَّا الدعوى [ق ١٠٦ ب] الأولى فإنه إذا أقرَّ بالربِّ فإمَّا أن يُقرَّ بأن له ذاتًا وماهية مخصوصة أو لا. فإن لم يُقرَّ بذلك لم يُقرَّ بالربِّ، فإن ربًّا لا ذات له ولا ماهية سواء والعدم. وإن أقرَّ بأن له ذاتًا مخصوصة وماهية فإمَّا أن يقرَّ بتعينها أو يقول: إنها غير معينة، فإن لم يقرَّ بأنها معينة كانت خيالًا في الذهن لا موجودًا في الخارج، فإنه لا يوجد في الخارج إلَّا معين، لا سيما وتعين تلك الذات أولى من تعين كل متعين، فإنه يستحيل وقوع الشركة فيها، وأن يوجد لها نظيرٌ (٣)، فتعين ذاته سبحانه واجب.

وإذا أقرَّ بأنها معينة لا كلية، والعالم المشهود معين لا كلي، لزم قطعًا مباينة أحد المُعينين للآخر؛ إذ لو لم يباينه لم يعقل تميزه عنه وتعينه.

فإن قيل: هو يتعين بكونه لا داخلًا فيه ولا خارجًا عنه. قيل: هذا والله حقيقة قولكم وهو عين المحال، وهو تصريح منكم بأنه لا ذات له ولا ماهية


(١) «ح»: «الرابع والعشرون». وهذا هو الوجه السبعون بعد المائة.
(٢) «ح»: «دعوتان» تصحيف، والمثبت من «م»، وهو الصواب.
(٣) «ح»: «نظر». والمثبت من «م».