للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل التاسع (١)

في الوظائف الواجبة على المتأوِّل التي (٢) لا يُقبل منه تأويله إلَّا بها

لمَّا كان الأصل في الكلام هو الحقيقةَ والظاهرَ كان العدول به عن حقيقته وظاهره مُخرجًا له عن (٣) الأصل، فاحتاج مُدَّعِي ذلك إلى دليلٍ يُسوِّغ له إخراجه عن أصله. فعليه أربعة أمورٍ لا يتم له دعواه إلَّا بها:

الأمر الأول: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوَّله في ذلك التركيب الذي وقع فيه، وإلَّا كان كاذبًا على اللغة مُنشِئًا وضعًا مِن عنده، فإن اللفظ قد لا يحتمل ذلك المعنى لغةً، وإن احتمله فقد لا يحتمله في ذلك التركيب الخاص.

وكثيرٌ من المتأوِّلين لا يبالي إذا تهيأ له (٤) حملُ اللفظ على ذلك المعنى بأي طريقٍ أمكنه أن يدَّعي حملَه عليه، إذ مقصودُه (٥) دفع الصائل، فبأي طريقٍ اندفع عنه دفَعَه، والنصوص قد صالت على قواعده الباطلة، فبأي طريقٍ تهيأ له دَفْعُها دَفَعَها (٦)، ليس مقصودُه أخْذَ الهدى والعلم والإرشاد منها، فإنه قد أصَّلَ أنها أدلةٌ لفظيةٌ لا يُستفاد منها يقينٌ (٧) ولا علمٌ ولا معرفةٌ


(١) «ح»: «الثامن».
(٢) «ح»: «الذي».
(٣) «ب»: «من».
(٤) «له» ليس في «ح».
(٥) «ح»: «مقصود».
(٦) «دفعها» ليس في «ح».
(٧) «يقين». سقط من «ح».