للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَشَرِيكًا وهو يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» (١). وفي الصحيح (٢) أيضًا: «يَقُولُ اللهُ: شَتَمَنِي عَبْدِي (٣) ابْنُ آدَمَ؛ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ؛ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي اتَّخَذْتُ وَلَدًا. وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي. وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ». ومن ذلك قول أعدائه: إنه فقيرٌ، وإن يده مغلولةٌ، وإنه اتخذ صاحبةً وولدًا. تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه الخامس والعشرين: إنه سبحانه كما يبغض هذا الإفك والباطل الذي قاله فيه أعداؤه ويشتد غضبه منه ويؤذيه ذلك أذًى لا ينقصه، كما أخبر به عن نفسه بقوله (٤): «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ» (٥)، فهو سبحانه يفرح بثناء المُثْني عليه بأوصاف كماله ونعوت جلاله أعظم فرحٍ ويرضى به ويحبه. وإذا كان يفرح بتوبة التائب أعظم فرحٍ يقدر، فكيف فرحه سبحانه بالثناء عليه وحمده ومدحه وتمجيده عمَّا (٦) يصفه به أعداؤه ممَّا لا يليق بكماله؟ ممَّا يتضمن فرحه ومحبته ورضاه أعظم من ذلك؟! فإن محبته تغلب غضبه، وفضله أوسع من عدله.

وهو سبحانه كما أنه موصوفٌ بكل كمالٍ فهو منزَّهٌ عن كل نقصٍ


(١) متفق عليه عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، وتقدم (ص ١٠٢٦) تخريجه.
(٢) «صحيح البخاري» (٤٩٧٤، ٤٩٧٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) كذا في «ح»، ولعلها زائدة.
(٤) «ح»: «فقوله».
(٥) متفق عليه، وقد تقدم (ص ١٠٢٦) تخريجه.
(٦) «ح»: «بما». ولعل المثبت هو الصواب.