للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجئ بحقائقها ومعانيها، وهذا جحدٌ لما أُرسل به حقيقةً. فثبت أن الإيمان وهذه المعارضة لا يجتمعان أبدًا. ويوضحه:

الوجه السابع عشر بعد المائة: وهو أن يقال لهؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم: إمَّا أن تردوا هذه النصوص وتكذبوها، وإمَّا أن تصدقوها وتقبلوها. والأول إلحادٌ وكفرٌ ظاهرٌ.

وإن قبلتموها فإمَّا أن تعتقدوا أن الرسول أراد حقائقها ومعانيها المفهومة منها أو لا، فإن اعتقدتم أنه أراد حقائقها فإمَّا أن تعتقدوا ثبوت تلك الحقائق في نفس الأمر أو انتفاءها أو تشكون في الأمر، ولا ريب أنه مع اعتقاد ثبوت تلك الحقائق تمتنع المعارضة، وأنه مع الشك تمتنع المعارضة. فلا تمكن المعارضة إلَّا على تقدير العلم بانتفاء تلك الحقائق في نفس الأمر، وحينئذٍ فإذا أراد إفهامها فقد أراد إفهام خلاف الحقِّ، فإمَّا أن توافقوه في مراده وتمنعوا تأويلها بما يخالف حقائقها لأنه مناقضة لمراده، وإمَّا أن توجبوا تأويلها بما يخرجها عن حقائقها ومعانيها المفهومة منها.

والأول يستلزم الإقرار على الباطل، وإفهام أقبح الكذب، وهو الكذب على الله وأسمائه وصفاته، وهذا يرجع على أصل الرسالة ومقصودها (١) بالإبطال، فلم يبق إلَّا التأويل. ولا يمكنكم سلوك طريقه؛ لأنكم تناقضون فيه أقبح التناقض، فإنكم إمَّا أن تتأولوا الجميع، وليس في المنتسبين إلى القبلة من يجوِّز ذلك ولا يمكنه، وإمَّا أن تتأولوا البعض دون البعض، فيقال لكم: ما الفرق بين ما جوَّزتم تأويله فصرفتموه عن حقيقته ومعناه الظاهر منه


(١) «ومقصود لها». ولعل المثبت هو الصواب.