للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهما طريقتان باطلتان مضادتان لقَصْد الرسالة. هؤلاء يقولون: أراد منهم أن يَتخيَّلوا ما ينفعهم، وإن لم يكن حقًّا في نفس الأمر. وأصحاب التأويل يقولون: أراد منهم ضدَّ ذلك المعنى الذي دلَّ عليه كلامه ونصُّه. وتارةً يقولون: أراد منهم تأويل النصوص. وتارةً يقولون: أراد منهم (١) تفويضها.

وقد نزَّه الله رسوله عن أن يريد المعاني الباطلة، أو يُقَصِّر في بيان ما أراده، فإن الأول كَذِبٌ وتدليسٌ وتلبيسٌ، والثانيَ تقصيرٌ في البيان. وإذا كان الرسول منزهًا عن هذا وهذا فالربُّ تعالى أولى بتنزيهه عن الأمرين. وقد قام الدليل القطعي على تنزيه الله ورسوله عن ذلك، فلا يقدح فيه بالشُّبه الخيالية الفاسدة.

الوجه الخامس والستون: أن الله سبحانه قسم الأدلة السمعية إلى قسمين: مُحكَم ومتشابِه، وجعل المُحكَم أصلًا للمتشابه وأُمًّا له يُردُّ إليه، فما (٢) خالف ظاهر المحكم فهو متشابه يُردُّ إلى المحكم. وقد اتفق المسلمون على هذا، وأن المحكم هو الأصل والمتشابه مردودٌ إليه. وأصحاب هذا القانون جعلوا الأصل المحكم ما يدَّعونه من العقليات وجعلوا القرآن كله مردودًا إليه، فما (٣) خالفه فهو متشابه، وما (٤) وافقه فهو المحكم، ولم يَبْقَ عند أهل القانون في القرآن محكمٌ يُردُّ إليه المتشابه،


(١) «ح»: «منها».
(٢) «ح»: «فمن». والضمير يعود للأدلة السمعية.
(٣) «ح»: «فمن».
(٤) «ح»: «ومن».