للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقول (١) ـ [عِلْمٌ] (٢) ضروريٌّ (٣). فحينئذٍ ما (٤) يتوقف عليه العلم بصدق الرَّسول من العلم العقلي سهلٌ يسيرٌ، مع أن العلم بصدقه له طرقٌ كثيرةٌ متنوعةٌ.

وحينئذٍ فإذا كان المعارض للسمع من المعقولات ما لا يتوقف العلم بصحة السمع عليه لم يكن القدح فيه قدحًا في أصل السمع، وهذا ـ بحمد الله ـ بيِّنٌ واضحٌ. وليس القدح في بعض العقليات قدحًا في جميعها، كما أنه ليس القدح في بعض السمعيات قدحًا في جميعها. فلا يلزم من صحة المعقولات التي يبنى عليها معرفتنا بالسمع صحة غيرها من المعقولات، ولا من فساد هذه فساد تلك، فلا يلزم من تقديم السمع على ما يُقال: إنه معقولٌ في الجملة القدحُ في أصله.

الوجه الخامس: أن يُقال: العقل إمَّا أن يكون عالمًا بصدق الرَّسول وثبوت ما أخبر به في نفس الأمر، وإمَّا ألَّا يكون عالمًا بذلك. وإن لم يكن عالمًا امتنع التعارُض عنه لأن المعقول إن كان معلومًا له لم يتعارَض معلومٌ ومجهولٌ، وإن لم يكن معلومًا لم يتعارض مجهولان. وإن كان عالمًا بصدق الرَّسول امتنع ألَّا يعلم ثبوت ما أَخبَر به في نفس الأمر، إذا علم أنه أَخبَر به وهو عالم بصدقه لزم ضرورة أن (٥) يكون عالمًا بثبوت مخبره. وإن كان كذلك استحال أن يقع عنده دليلٌ يعارض ما أخبر به، ويكون ذلك المعارض


(١) كذا في «ح». والذي في «درء التعارض»: «علم».
(٢) من «درء التعارض».
(٣) ينظر: «الإرشاد» للجويني (ص ٣٢٤ - ٣٣٠) و «النبوات» لابن تيمية (١/ ٢٣٥ - ٢٤٠).
(٤) «فحينئذ ما» «ح»: «فيما». والمثبت من «درء التعارض».
(٥) بعده في «ح»: «لم». وليس في «م».