للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يُغني الجهمي في هذا المقام اعتذاره بأنه غير قابل للدخول والخروج والمباينة والمحايثة، لثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أن يقال له: وهكذا قال أخوك معطل الذات سواء: إنه غير قابل للقدم والحدوث، فما كان جوابك له فهو جواب أهل الإثبات لك.

الثاني: أن هذا التقسيم يتناول كل موجودٍ، ولا يخرج عنه إلَّا العدم المحض، فإنه تقسيمٌ حاصرٌ. ولا واسطة بين نفيه وإثباته البتة، بل هذا حُكْم كل موجودين بالضرورة، فإنه إمَّا أن يكون أحدهما مباينًا للآخر أو غير مباين له، كما يقال إمَّا أن يكون أحدهما قائمًا بالآخر، أو غير قائمٍ به، وإنكار (١) هذا مكابرة صريحة للعقل، وكذلك إما أن يكون متقدمًا عليه أو مقارنًا له، فقولكم: إن هذا فيما هو قابل. كلام باطل يتضمن رفع النقيضين والخلو منهما.

الثالث: أن يقال: لا يتصور العقل شيئًا غير قابل لذلك إلَّا العدم المحض والنفي الصِّرْف، ودعواكم على العقل أنه يثبت قسمًا آخر غير قابل للنقيضين كذبٌ على العقل وفريةٌ.

فصل

يوضحه: الطريق السادس (٢): أن يقال: كل موجودين فإمَّا أن يكون أحدهما قائمًا بنفسه، أو قائمًا بالآخر؛ فإن كان قائمًا بالآخر امتنع قيام الآخر به ضرورةً، وإن كان قائمًا بنفسه فحقيقته خارجة عن حقيقة الآخر ضرورةً،


(١) «ح»: «وأن كان». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «السابع». وهذا هو الوجه الثالث والخمسون بعد المائة.