للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كثيرٌ عنهم (١) جدًّا، لا يتسع له هذا الموضع. فكانت نصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَجَلَّ في صدورهم وأعظم في قلوبهم من أن يعارضوها بقول أحدٍ من النَّاس كائنًا من كان، ولا يثبت قدم الإيمان إلَّا على ذلك، وفتحُ باب هذه المعارضة الباطلة سدٌّ لباب الإيمان، والله المستعان.

الوجه السَّابع والثمانون: أن حقيقة قول المعارضين بين النصوص الإلهية النبوية وآراء الرجال وتقديم الآراء عليها ألَّا يُحتج بالقرآن والسُّنَّة على [ق ٧٤ أ] شيءٍ من المسائل العلمية، بل ولا يُستفاد التصديق الجازم بشيءٍ من أخبار الله ورسوله البتةَ. فإذا جاز أن يكون فيما أخبر الله به ورسوله في الكتاب والسُّنَّة أخبارٌ يُعارضها صريح العقل، ويجب تقديم العقل عليها، من غير بيانٍ من الله ورسوله للحق الذي يُطابق مدلول العقل، ولا لمعاني تلك الأخبار المناقضة لصريح العقل. فالإنسان لا يخلو من حالين:

فإنه إذا سمع النصوص التي أخبر الله ورسوله فيها عمَّا لا يُدركه عقله فإمَّا أن يقدَّر أن له رأيًا مخالفًا للنصِّ، أو ليس له رأيٌ يخالفه.

فإن كان عنده معقولٌ ـ بزعمه ـ يناقض خبر الله ورسوله قدَّم معقوله (٢) وألقى خبر الله ورسوله، وحينئذٍ فكل من اقتضى عقله مناقضة خبر من أخبار الله ورسوله قدَّم عقله، ولم يستفد بخبر الرَّسول العلم بثبوت (٣) مخبره، ولم


(١) «ح»: «عليهم». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «منقوله». والمثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «يكبوت». والمثبت هو الصواب.