للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحوادث، ولا يفعل (١) لحِكْمةٍ ولا مصلحةٍ، ولا له وجهٌ ولا يدان، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، ولا هو مستوٍ على عرشه، ولا يأتي يوم القيامة لفصل القضاء، ولا يراه المؤمنون في الجنة ولا يكلمهم، ولا كلَّم موسى في الدنيا ولا أحدًا من الخلق، ولا يشار إليه بالأصابع، ولا يُرفع إليه الكلم الطيب، ولا تعرُج الملائكة والروح إليه، ولا عرجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه، ولا دنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ونحو ذلك من النفي والسلب الذي يفرون عنه بنفي التشبيه والتجسيم والتركيب، فيوهمون السامع أن إثبات ذلك تشبيهٌ وتجسيمٌ، ثم ينفونه عنه، وحقيقة ذلك نفي ذاته وصفاته وأفعاله.

فهذا حقيقة كونه أكبرَ من كل شيءٍ وأعظمَ منه وفوقه وعاليًا عليه عندهم. وحقيقة ذلك نفيُ هذا عنه، وجعلُ كل شيءٍ أكبرَ منه. لأن ما لا ذاتَ له ولا صفةَ ولا فعلَ فكل ذات لها صفة أكبرُ منه، فالقوم كبَّروه وعظَّموه ونزَّهوه في الحقيقة عن وجوده فضلًا عن صفات كماله وأفعاله! يوضحه:

الوجه الحادي والتسعون بعد المائة: وهو أنه قد عُلم بالاضطرار أن الله سبحانه له ذات مخصوصة، يقال: ذات الله، كما قال خُبَيْب (٢):

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّع

ولفظ «ذات» في الأصل تأنيث «ذو» أي (٣): ذات كذا وذو كذا. والذي


(١) «ح»: «يفعله».
(٢) هو خبيب بن عدي - رضي الله عنه -، قاله لما خرجوا به من الحرم ليقتلوه، أخرجه البخاري (٣٠٤٥) في قصة طويلة.
(٣) «ح»: «رأي».