للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإثبات أعظم تسبيحًا وتحميدًا وثناءً على الله، كما سنقرره فيما بعد إن شاء الله.

الوجه الخامس: أن يقال: ما المانع من أن يكون رضاه ومحبته وفرحه من كماله في نفسه وما هو عليه من الجلال (١) والجمال، ولا يحتاج في ذلك إلى شيءٍ مخلوق، بل يكفي في حصوله (٢) حصول جماله وجلاله؟

وحينئذٍ فيقال: قولُك لو صحَّ الرضى والفرح ـ الذي تسميه أنت لذةً ـ عليه لكان خلقُ المفروح المرضيِّ به إمَّا في الأزل أو بعده، إنما يجب ذلك إذا امتنع أن تكون محبته لنفسه ورضاه بنفسه وفرحه بنفسه سبحانه، وحينئذٍ فلا ينتفي المعنى الذي سميته لذةً إلَّا إذا امتنع هذا، وأنت لم تُقِم دليلًا على امتناعه، بل أنت في نفي هذا أضعف حجةً ممَّن نفى التذاذ أوليائه بالنظر إلى وجهه، فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين كلهم وأهلَ السُّنَّة كلهم متفقون على إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة.

ولكن زعم بعض أهل الكلام أنه لا يحصل لهم بذلك لذةٌ، كما زعم أبو المعالي الجويني في «رسالته النظامية» (٣) أن نفس النظر إليه سبحانه لا لذةَ فيه، إذ اللذة إنما تكون بالمناسِب، ولا مناسبة بين القديم والمُحْدَث، وزعم أن هذا من أسرار التوحيد، وكذلك أبو الوفاء بن عقيل (٤) سمع قائلًا


(١) «ح»: «الحال». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «حصول». والمثبت هو الصواب.
(٣) ينظر (ص ٥٩) منها.
(٤) نقله عنه ابن تيمية في «الاستقامة» (٢/ ٩٨) وفي «النبوات» (١/ ٣٤٢) وفي «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٦٩٥).