للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لسُفهاء العقول وأَخِفَّاء الأحلام وفَرَاش (١) الألباب الاهتداءُ إلى حقائق الإيمان بمجرد عقولهم دون نصوص الأنبياء! {لَّقَد جِّئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ اُلسَّمَاوَاتُ يَنفَطِرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ اُلْأَرْضُ وَتَخِرُّ اُلْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: ٨٩ - ٩٠].

الوجه الخامس والأربعون: أن الله سبحانه إنما (٢) أقام الحُجَّة على خلقه بكتابه ورسله؛ فقال: {تَبَارَكَ اَلَّذِي نَزَّلَ اَلْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: ١]، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام: ٢٠]. فكل مَن بَلَغَه هذا القرآن فقد أُنذر به، وقامت عليه حُجَّة الله به. وقال تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ} [النساء: ١٦٤]. وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]. وقال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَد جَّاءَنَا نَذِيرٌ (٩) فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اَللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (١٠) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ اِلسَّعِيرِ (١١) فَاَعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ اِلسَّعِيرِ} [الملك: ٨ - ١٢]. وقال تعالى: {وَسِيقَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ اُلْعَذَابِ عَلَى اَلْكَافِرِينَ} [الزمر: ٦٨]. وقال: {يَامَعْشَرَ اَلْجِنِّ وَاَلْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا} [الأنعام: ١٣٠].


(١) يقال: رأيته فَرَاشةً، وما هو إلا فراشة: للخفيف الرأس، وهو مثل في الخفَّة والحقارة. «أساس البلاغة» (٢/ ١٧).
(٢) «ح»: «إذا». والمثبت من «م».