للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملتذ به زيادة لذة فقط، وليس في فقده ألمٌ، فهذا ليس الواقع وجوب (١) تعلق الإرادة به، بل قد يريد ذلك وقد لا يريده استغناءً بما عنده من اللذة عن تلك الزيادة، فلا يجب فيه حصول الداعي التام، وهذا أمرٌ محسوسٌ.

الوجه الثاني عشر: أنا لو فرضنا في حقنا أنه يجب تحصيل المفروح به مع القدرة عليه، فلِمَ قلت: إنه في حقِّ الربِّ تعالى كذلك؟ وليس معك إلَّا مجرد القياس التمثيلي الذي يتضمن تمثيل الله بخلقه. والقضية الكلية التي ادعيتها ممنوعةٌ، والعلم الضروري إذا سُلِّم فإنما هو في حقِّ المخلوق، فأمَّا في حقِّ الخالق فليس هناك إلَّا مجرد القياس، وهو منتقض (٢) بسائر الأمور الفارقة بين الله وبين خلقه، ومن جملتها الإرادة والمحبة والرضا؛ فإن الإنسان إذا أراد الفعل وهو قادر عليه وجب وجوده منه، والله تعالى مريد لجميع الكائنات وهو قادر عليها، ومع هذا فلا توجد إلَّا في مواقيتها، لا توجد قبل ذلك. والعبد يقع مراده حين (٣) قدرته عليه والله تعالى متأخر (٤) مراده مع دوام قدرته عليه.

الوجه الثالث عشر: أن العبد إنما يجب مع قدرته وداعيته حصول مراده ولذته؛ لأنه يتضرر بعدم حصوله، فإن كماله وصلاحه بحصول ما يحبه ويريده ويلتذ به، وبعدمه يكون متضررًا ناقصًا! والله سبحانه لا يلحقه الضرر بوجهٍ ما.


(١) كذا في «ح»، والعبارة فيها خلل، والمعنى: ليس بمقتضٍ وجوبَ.
(٢) «ح»: «مشقص». والمثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «فيرين». ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) كذا في «ح»، والعبارة غير بينةٍ.