للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: إنكار وجود الملتذ به قبل وجوده.

والثانية: وجوب حصوله إذا كان كذلك.

ونحن نتكلم على المقدمتين فنقول: لا نسلم وجوب وجود الملتذ به والحالة هذه، ولا أنه يكون كالمُلجأ إليه.

فإن قلت: داعية اللذة إذا تحققت خالية عن الموانع وكان الملتذ به ممكن الحصول، فالعلم الضروري حاصل بوجوب حصوله.

فالجواب: أن الداعي [ق ١٢٣ ب] الجازم مع القدرة التامة يوجب وجود المقدور بلا ريب. والداعي هو إمَّا الإرادة الحادثة، أو العلم المقتضي للإرادة، أو مجموعهما. وأمَّا مجرد كون الشيء سببًا للذة، فهذا لا يوجب الإرادة الحادثة، بل العلم الضروري حاصلٌ بضدِّ ذلك، فقد يحصل للإنسان نوعٌ ما من أنواع الالتذاذ بالشيء مع قدرته عليه ولا يفعله. وذلك أن اللذة تَتْبع المحبة، وقد لا تتم محبة الملتذ به وإرادته فلا يوجد؛ لضعف المحبة والإرادة المتعلقة به، أو لاستلزامه (١) فوات ما هو أحب إليه منه، أو لحصول ما هو أكره إليه. والمعهود في بني آدم أن الإرادة [الجازمة] (٢) لا يجب حصولها منهم إلَّا للذة التي يُوجب فقدها ألمًا، فمتى استلزم عدم اللذة وجود الألم قصدوا دفع الألم بالذات وحصول اللذة بالعرض. وقد يتعلق القصد الذاتي بالأمرين، وقد يغيب بشعوره بأحدهما عن (٣) الآخر لاستيلاء سلطانه على الآخر. أمَّا إذا لم يكن أحدهم متألمًا بعدم اللذة، ولكن في وجود


(١) «ح»: «لا يستلزمه». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «الجارية».
(٣) «ح»: «على».