للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلتم: نحن قلنا إذا جاء النقل بخلاف العقل وجب تقديم العقل، قيل لكم: فالسؤال عائد بعينه، والمطالبة قائمة، ففي أي الأنواع جاء النقل مناقضًا للعقل (١)؟

ولا ضابط لفرقةٍ منكم في دعوى هذه المناقضة أصلًا، بل كل من نفى شيئًا ممَّا أثبته الرسول قال قد عارضه صريح العقل. فإمامكم الذي تقدمون نصوص «إشاراته» على نصوص القرآن والسُّنَّة عنده أن صريح العقل معارضٌ لنصوص المعاد وحدوث العالم وإثبات الصِّفات.

والقدرية المجوسية عندهم أن صريح العقل معارضٌ للنصوص المثبتة للقدر.

والجهمية المعطلة عندهم أن العقل الصريح معارضٌ لنصوص الرُّؤية، والعلو، والاستواء على العرش، وصفة التكلم والتكليم، وغير ذلك من الصِّفات.

فمع من أنتم من أرباب هذه المعارضات، وأهل هذه المعقولات؟ هل تصوبون جميعهم أم بعضهم؟ ومن البعض المصيب، ومن المخطئ؟ وفي أي شيءٍ أصاب هؤلاء وأخطأ هؤلاء؟

ولقد صدق القائل: إنكم لا ترجعون في الحقيقة إلى شيءٍ، وإن منتهاكم الشك والحيرة. وبالله التوفيق. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه الخامس والأربعين بعد المائة: إن نهاية أمر هؤلاء المعارضين لنصوص الوحي بالرأي انتهاؤهم إلى الشك والتشكيك والحيرة في أمرهم،


(١) «ح»: «للنقل». والمثبت هو الصواب.