للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن العقل يقتضي ألَّا يسجد الفاضل للمفضول، وبيَّنا سريان تلك المعارضة في تلامذته وأتباعه، حتى إن منهم من عارض الأمر كله بعقله، وذكروا وجوهًا عقلية تدفع الأمر والنهي، والله يعلم أن الوجوه العقلية التي ذكرها المعطلة النُّفاة لدفع علو الربِّ واستوائه على عرشه وصفات كماله أوهى منها أو من جنسها.

وطائفةٌ أخرى عارضت نصوص المبدأ والمعاد بمعقولات هي من جنس معقولات نُفاة الصفات، فهل يوافقون هؤلاء في صحة هذه المعارضة أم يخالفوهم (١)؟

وفي أي الأنواع تدَّعون المعارضة؟

فإن قصرتموها على نوع الأسماء والصفات، قيل لكم: فالمعارضة ثابتة بين العقل وبين سائر هذا [ق ٩٨ ب] النوع أم بينه وبين بعضه؟

فإن قلتم: إن العقل يُعارض جميع المنقول، كان هذا من الكفر والإلحاد والزندقة ما لا مزيد عليه.

وإن قلتم: بل المعارضة حاصلةٌ بين العقل وبين بعض المنقول دون بعض؛ قيل لكم: فما هو القدر الذي عارضه العقل من المنقول، وما جنسه وصفته، وفي أي باب هو؟

فإن قلتم: ما خالف صريح العقل، كان هذا تعريفًا دوريًّا غير مقيد، وكان حاصل كلامكم إذا عارض العقل لما خالف العقل وجب تقديم العقل، وهذا من جنس الهذيان.


(١) كذا في «ح» دون نون الرفع، وقد سبق (ص ٢٣٦) مثله.