للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِلمًا وقدرة وإرادة وغيرها تضمن ذلك [ق ١١٢ أ] إثباتَ ذات تقوم بها هذه الصِّفات وتتميز بحقيقتها وماهيتها، سواء سمَّوه قدرًا أو لم يُسموه. فإن لم يثبتوا ذاتًا متميزةً بحقيقتها وماهيتها كانوا قد أثبتوا صفاتٍ بلا ذات، كما أثبت إخوانهم ذاتًا بلا صفات، وأثبتوا أسماء بلا معانٍ ولا حقائقَ، وذلك كله مخالفةٌ لصريح المعقول، وهم يدَّعون أنهم أرباب عقليات! فلا بد من إثبات ذات محقَّقة لها الأسماء الحسنى التي لا تكون حسنى إلَّا إذا كانت دالةً على صفات كمال، وإلَّا فأسماء (١) فارغة لا معنى لها، لا توصف بحُسنٍ فضلًا عن كونها أحسنَ من غيرها. يوضح ذلك:

الوجه الثامن والثمانون بعد المائة: أنه سبحانه فرَّقَ بين هذين الاسمين الدالين على علوِّه وعظمته في آخر آية الكرسي (٢) وفي سورة الشورى (٣) وفي سورة الرعد (٤)، وفي سورة سبأ في قوله: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اُلْحَقَّ وَهْوَ اَلْعَلِيُّ اُلْكَبِيرُ} [سبأ: ٢٣].

ففي آية الكرسي ذَكَر الحياة التي هي أصلُ جميع الصِّفات، وذكَرَ معها قيوميته المقتضية لذاته وبقائه وانتفاء الآفات جميعها (٥) عنه من النوم والسِّنة والعجز وغيرها. ثم ذَكَر كمال مُلكه، ثم عقبه بذكر وحدانيته في مُلكه، وأنه


(١) «ح»: «فالأسماء». والمثبت من «م».
(٢) قال تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اُلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهْوَ اَلْعَلِيُّ اُلْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٣].
(٣) قال تعالى: {لَهُ مَا فِي اِلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي اِلْأَرْضِ وَهْوَ اَلْعَلِيُّ اُلْعَظِيمُ} [الشورى: ٢].
(٤) قال تعالى: {عَالِمُ اُلْغَيْبِ وَاَلشَّهَادَةِ اِلْكَبِيرُ اُلْمُتَعَالِ} [الرعد: ١٠].
(٥) «ح»: «جمعها». والمثبت من «م».