للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الطريق الثلاثون (١): أنه لو لم يكن مباينًا للعالم لزم أحد أمور ثلاثةٍ، قد قال بكلٍّ منها قائلٌ:

أحدها: أن يكون هو هذا العالم، كما قال أهل وحدة الوجود. والذي قادهم إلى هذا القول هو نفي المباينة، كأن قلوبهم وفِطَرهم طلبت معبودًا، فلمَّا اعتقدوا أنه غير مباين للعالم وتيقنوا أنه موجودٌ قائمٌ بنفسه قالوا: فهو هذا العالم بعينه.

الثاني: قول من يقول: بل هو حالٌّ في العالم. وهو قول الحلولية.

الثالث: قول من يقول: لا هو العالم ولا هو حالٌّ فيه ولا بائن عنه ولا متصل به ولا منفصل عنه. وهو قول الجهمية.

ومعلومٌ أنه إذا عُرض على العقول الصحيحة هذه الأقوال الأربعة (٢) علمت أن الصواب منها القول بأنه سبحانه بائنٌ من خلقه. وإذا كان (٣) القولان الآخران مخالفين لصريح العقل، فالقول الرابع (٤) أشد مخالفة لصريح العقل منهما؛ لأنه يتضمن نفي النقيضين. وإن كان ممكنًا في العقل فالقولان أقرب إلى الإمكان منه. فأمَّا أن يكون واجبًا والقولان مخالفان [للعقل] (٥)، فهذا تحكمٌ باطلٌ.


(١) «ح»: «الحادي والثلاثون». وهذا هو الوجه السابع والسبعون بعد المائة.
(٢) يعني: القول بأنه سبحانه مباين للعالم إضافة إلى الأقوال الثلاثة المذكورة.
(٣) «ح»: «كانت». والمثبت هو الصواب.
(٤) يعني: قول الجهمية.
(٥) قوله «للعقل» سقط من «ح».