للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكونا (١) قطعيَّيْن، وإمَّا أن يكونا ظنِّييْن، وإمَّا أن يكون أحدهما قطعيًّا والآخر ظنيًّا.

فأمَّا القطعيان فلا (٢) يمكن تعارضهما في الأقسام الثلاثة؛ لأن الدليل القطعي هو الذي يستلزم مدلوله قطعًا، فلو تعارَضا لَزِمَ الجمع بين النقيضين، وهذا لا يشكُّ فيه أحدٌ من العقلاء.

وإن كان أحدهما قطعيًّا والآخر ظنيًّا تعيَّن تقديم القطعيِّ، سواء كان عقليًّا أو سمعيًّا. وإن كانا جميعًا ظنييْن صرنا إلى الترجيح، ووجب تقديم الرَّاجح منهما، سمعيًّا كان أو عقليًّا.

فهذا تقسيمٌ واضحٌ (٣) متفَقٌ على مضمونه بين العقلاء. فأمَّا إثبات التعارض بين الدليل العقلي والسمعي والجزم بتقديم العقلي مطلقًا فخطأٌ واضحٌ، معلوم الفساد عند العقلاء.

الوجه الثَّاني: أن قوله: «إذا تعارض العقل والنقل» فإمَّا أن يريد (٤) به القطعيين فلا نُسلِّم إمكان التعارض، وإمَّا أن يريد به الظنييْن فالتقديم للراجح مطلقًا، وإمَّا أن يريد ما يكون أحدهما قطعيًّا والآخر ظنيًّا، فالقطعي (٥) هو المقدَّم مطلقًا، فإذا قُدِّرَ أن العقلي هو القطعي كان تقديمه لأنه قطعي، لا لأنه عقلي. فعُلم أن تقديم العقلي مطلقًا خطأٌ، وأن جعْل جهة


(١) «ح»: «يكون». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «ولا». والمثبت من «م».
(٣) «م»: «راجح».
(٤) «ح»: «أريد». والمثبت من «م».
(٥) «ح»: «فاللفظي».