للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني والعشرون

في أنواع الاختلاف الناشئة عن التأويل

وانقسام الاختلاف إلى محمود ومذموم

الاختلاف في كتاب الله نوعان (١):

أحدهما: أن يكون المختلفون كلهم مذمومين. وهم الذين اختلفوا بالتأويل، وهم الذين نهانا اللهُ سبحانه عن التشبه بهم في قوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} [آل عمران: ١٠٥]، وهم الذين تسودُّ وجوهُهم يوم القيامة، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: ١٧٥]، فجعل المختلفين فيه كلهم في شقاقٍ بعيدٍ (٢). وهذا النوع هو الذي وصف اللهُ أهله بالبغي، وهو الذي يُوجب الفرقةَ والاختلاف وفسادَ ذات البين، ويُوقع التحزب والتباين.

والنوع الثاني: اختلاف ينقسم أهله إلى محمودٍ ومذمومٍ، فمن أصاب الحقَّ فهو محمودٌ، ومَن أخطأه مع اجتهاده في الوصول إليه فاسم الذمِّ موضوعٌ عنه، وهو محمودٌ في (٣) اجتهاده معفوٌّ عن خطئه؛ وإن أخطأه مع تفريطه وعدوانه فهو مذمومٌ.


(١) ينظر «اقتضاء الصراط المستقيم» لشيخ الإسلام (١/ ١٣٠ - ١٤٨).
(٢) «فجعل المختلفين فيه كلهم في شقاق بعيد». سقط من «ح».
(٣) «ب»: «على».