للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر حال المتبوع الذي يثني عِطْفَه تكبُّرًا؛ كما قال: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} [لقمان: ٦] وذكر التفصيل في مجادلة المتبوع الدَّاعي، وأنها (١) في الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ. واكتفى في ذكر التَّابع بنفي العلم المستلزم لنفي هذه الثلاثة، فإن مجادلة المتبوع أصلٌ، وهو أقعد بها من مجادلة التَّابع، ومصدرها كِبْرٌ، ومصدر مجادلة التَّابع ضلالٌ وتقليدٌ، فذكر حال المتبوع على التفصيل، ولهذا ذكر فساد قصده وعلمه، وذكر من عقوبته أشد ممَّا (٢) ذكر من عقوبة التَّابع.

وهذا وأمثاله من أسرار القرآن التي حرَّمها الله على من عارض بينه وبين العقل وقدَّم العقل عليه.

الوجه الحادي والتسعون (٣): أن العقل ملزوم لعلمنا بالشرع ولازم له، ومعلوم أنه إذا كان اللزوم من أحد الطرفين لزم من وجود الملزوم وجود اللازم، ومن نفي اللازم نفي الملزوم، فكيف إذا كان التلازم من الجانبين. فإن هذا (٤) التلازم يستلزم أربع (٥) نتائج، إذ يلزم من ثبوت هذا الملزوم ثبوت لازمه، ومن ثبوت لازمه المساوي ثبوته، ومن نفي اللازم نفي ملزومه، ومن نفي ملزومه (٦) المساوي نفيه. وهذا شأن كل شيئين بينهما


(١) «ح»: «وأنه».
(٢) «ح»: «من».
(٣) «ح»: «والسبعون».
(٤) بعده في «ح»: «التزام». وهي زائدة.
(٥) «ح»: «سيلزم أربعة». ولعل المثبت هو الصواب.
(٦) قوله «ومن نفى ملزومه» تكرر في «ح».